المحـ 18ــاضرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني وأخواتي الأكارم , نحن هذا اليوم في محاضرة مقرر مناهج الدعوة وهي المحاضرة الثامنة عشرة
وسيكون حديثنا فيها بمشيئة الله في موضوعاً جديد وهو : الأساس الثالث من أسس بناء مناهج الدعوة
سنتكلم إن شاء الله في هذا اللقاء عن المراد بهذا الأساس مع التمثيل عليه ثم نتكلم عن طرائق تحقيقه ونشير في بياننا لتك الطرائق إلى أنواع الدعاوى وكيفية تحقيق الأدلة المنسجمة معها , سنتذكر في هذا اللقاء حيث يسمح لنا الوقت بالنوع الأول من تلك الدعاوى وهو الدعاوى المتضمنة لأمور حسية .
نستعين بالله ونقول :
إن الدليل المنسجم مع الدعوة يقوم هذا الأساس على عنصرين اثنين :
العنصر الأول : الدعوى
لاحظ معي الدعوى بالألف المقصورة وليست بالألف الممدودة , ويراد بها كل حكم أو فرض لم يقم عليه الدليل ويعد بذالك دون الحقيقة (يعني لم يرتقي إلى رتبة الحقيقة ) , ويتبادر للذهن سؤال وهو القول لماذا وصفنا مضمون الدعوى الإسلامية (مضمون الإسلام الذي ننقله للمدعو ) بأنه دعوى لم تثبت ونريد أن نسوق لهذه الدعوى وهي فرض لم يثبت دليل ينسجم معها حتى تثبت وترتقي إلى مقام الحقيقة ؟
في الحقيقة أن مضمون الإسلام ليس دعوى (هو حقيقة) لأن مضمون الإسلام هو محتوى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لكننا أسميناه هذا المضمون (دعوى ) انسياق مع موقف المدعو الذي لا يقرّ أصلاً بحقيقة و صحة هذا المضمون ولذالك حين تأتي أنت أيها الداعية وتلقيه عليه فهو يتعامل مع هذا المضمون على أنه دعوى لم تثبت ولسان حاله بهذا التعامل كأنه يقول لك : أثبت لي هذه الدعوى .. أورد الدليل المناسب لينسجم معها حتى أقتنع بها .. ارفعها في رأسي من رتبة الفرض إلى رتبة الحقيقة ..
ولذالك من أهم إجراءات الخطاب الدعوي لدينا نحن المسلمين ولله الحمد أننا نراعي أحوال المدعو ونتفهم موقفه انسياق معه حتى نتسلسل به في الخطاب إلى أن نصل إلى درجة الإقناع والتأثير .
ولذالك إذا قلنا له منذ البداية أن هذا المضمون ليس دعوى هو حقيقة بل يجب عليك أن تؤمن بها , اتخذ موقف معادياً معانداً مشاكساً وانفرط منّا وفقدناه , قال تعالى : {قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } سورة سبأ , في هذه الآية خطاب للكافرين فيه انسياق مع منطقهم الذي لا يؤمن بدعوة الإسلام , فتقول لهم هذه الآية نحن المسلمون وأنتم أيها المدعوون معرضون أن نكون في قائمة الخطأ أو قائمة الصواب , لكن واحدة من الفريقين سيكون على خطأ و الفريق الثاني حتماً سيكون على صواب ، ومثل أن احتمالية وقوع الخطأ والصواب واردة عليك أيها المدعو الكافر فإن تلك الاحتمالية أيضاً واقعة عليّ أنا أيها المسلم , ولذالك أنا أضع نفسي وإياك على قدم المساواة وهذا هو السياق المنطقي المريح للمخاطب , فيركن إليك .. ويعرف أنك واقعي .. أنك تراعي ظروفه .. أنك تحتفي بموقفه وفكره .. ولا سبيل على إقناع المدعو و تغيير قناعاته إلا إذ تعاملت معه وفق تلك الآلية التي تحترمه وتنساق معه وتراعيه حتى تحقق المطلوب بشأنه .
هنا الدعوى ما زالت دون الحقيقة , وهوي وصف للمضمون الذي ينقله الداعية للمدعو كما قلنا , و لكون مضمون الإسلام مأخوذ من القرآن والسنة يرد تحفظ على وصفه بالفرض الذي لم يثبت كما قلنا , وقد وضحنا ذالك بأن وصف مضمون الإسلام بهذا الوصف جاء اعتبارا لوجهة نظر المدعو .
فحقيقة هذا المدعو مما يلقى عليه الارتياب , عدم التصديق حتى لو كان حقاً , وحتى لو كان وجيهاً , إذاً هذا المضمون بسبب ذالك صار دعوى (بالألف المقصورة ) بحاجة إلى دليل يرقى بها لدى المدعو من رتبة الفرض إلى رتبة الحقيقة , هذا ما يتعلق بمعنى كلمة دعوى .
الجزء الثاني من هذا الأساس : وهو الدليل المنسجم معها .
يراد به الدليل المتفق مع كل أجزاء الدعوة التي سيق هذا الدليل لإثباتها لدى المدعو , وهذا هو المطلوب لكي يدرك هذا المدعو هذا الكلام ويقتنع به ويسلم به , نسوق أمثلة على ذالك :
نسوق مثال تشبيهي أو دعنا نسميه تجريبي حتى تتضح الصورة حول طبيعة الانسجام بين الدعوى وبين الدليل حتى يكون هناك إحكام لهذه الدعوى بقوة هذا الدليل وبصلابة هذا الرهان فتثبت .
لو قلنا مثلاً لو أخرجنا للناس قطعة بهذا الشكل وقلنا هذه قطعة حديد , الناس سيتعاملون مع هذا الكلام على أنه دعوى (يعني فرض) وأنا مطالب أنني أثبت هذا الفرض بدليل ينسجم معه حتى يرتفع لرتبة الحقيقة فيكون عندهم فعلاً حديد ولا يمارون في هذا الخبر , فلو سُقت على سبيل المثال الدليل التالي لأثبت به أن هذه قطعة من الحديد وقلت له : إن الدليل على أن هذه القطعة من الحديد أنها موصلة للكهرباء , برأيكم هل سيقتنع المخاطبون بهذا الدليل ؟ , الجواب : لا , لأنهم سيقولون لك : إن الحديد ليس هو المعدن الوحيد الموصل للكهرباء بل هناك معادن أخرى موصلة للكهرباء وبكفاءة أحسن من الحديد إذا لازال هذا الخبر دعوى لم يثبت والعلّة في ذالك أن الدليل الذي سقناه معه غير منسجم معه , طيب نبحث عن دليل آخر فنقول : إن هذا ناقل للحرارة , هل ثبت الدعوى ؟ أيضاً لم تثبت , ليس هناك انسجام بينها وبين هذا الدليل لأن ناقلات الحرارة من المعادن كثيرة وبكفاءة أكثر من الحديد , لكن لو قلت إن هذا المعدن ينجذب للمغناطيس ؟ الذي بيدو أن الدعوى ستثبت , لأنه ليس هناك معدن ينجذب للمغناطيس إلا الحديد , ولذالك لا يمكن للخاطبين أن ينكروا هذه الدعوى وعليه من يسلم بها , فترتفع في أذهانهم إلى رتبة الحقيقة .
دعونا نسوق دليل أو شاهد من القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة عن الانسجام بين الدليل والدعوى التي سيق هذا الدليل لإثباتها , اجتمع الدليل المنسجم مع الدعوى والدليل غير المنسجم مع الدعوى في هذا الشاهد وهو المتعلق بقصة امرأة عزيز مصر مع يوسف عليه السلام .
حين راودته تلك المرأة عن نفسه , فقد أقامت دليل على دعواها , بأن يوسف عليه السلام هو من بادرها عن ذالك يعني هو الذي راودها عن نفسها وحاول أن يعتدي عليها عليه السلام ,حين حكى القرآن قولها ( لاحظوا دليلها ) : {قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم } سورة يوسف
لو تأملنا في هذا المقطع القرآني لم تورد فيه دليل , لأنها لما ألفت سيدها عند الباب تجاوزت التدليل و انتقلت مباشرة للعقاب وكأنها تقول بلسان الحال أمراً لزوجها عليه أن يسلم به , تقول له : إن هذا الرجل أراد أن يعتدي عليّ ونحن الآن لسنا في نقاش الدليل , لسنا بحاجة لذالك وإنما نحن في موقف تحديد العقوبة فكأنها تريد أن تصرف عقل الزوج عن الدليل الذي يثبت هذه الدعوى من أن يوسف عليه السلام – وحاشاه – هو الذي باشرها وهو الذي راودها , تصرف عقل زوجها عن هذا الدليل إلى مباشرة العقاب على السريع .
ولو كانت تملك دليلاً بسيطاً لما ترددت في ذكره , إذا الدعوى الآن ما زالت قائمة و ما زالت فرض , وما زالت عند المخاطب وهو زوجها فرض لم ترقى لرتبة الحقيقة لأنها لم تسق الدليل الذي ينسجم معه .
تجاوزت بقولها هذا مرحلة الإثبات بما ادعته على يوسف مفترضة لزوجها وقوع الأمر وحصوله بالفعل وليست بصدد إثباته (انتهينا من الإثبات) , ونقلته للمرحلة اللاحقة لثبوت الأمر وهي تقرير الجزاء المناسب في حق يوسف عليه السلام , طبعا زوجها لم يرى في ذالك دليلاً لدعواها , بل وجدها باطلة , وحين نظر في الدعوى الأخرى دعوى الطرف الأخر وهو يوسف عليه السلام , دعوى يوسف عليه السلام على وجه الدقة عدم إقدامه على ما اتهمته به , يعني دعوى يوسف التي تحتاج إلى دليل الآن أنه لم يقم بمراودتها عن نفسها , كأنه يقول : أنا أدعي أنني لم أقم بذالك . وإنما هي التي دعته لنفسها , ثم جاء الدليل المساق لإثبات دعوى يوسف وهو الدليل المتعلق بالقدّ أو المزع الذي في القميص (قميص يوسف عليه السلام) , هل هو من الأمام أو من الخلف ؟ فإن كان من الأمام فهذا دليل على أن الرجل مقدم عليها , يهجم عليها , يتبعها وهي في سبيل دفاعها عن نفسها مزعت ثوبه , أو أن القدّ في خلف القميص فمعناه أن الرجل هارب منها , منصرف عنها , يريد الخروج وهي تحاول اللحاق به فأمسكته من قميصه من الخلف فأمزع القميص
هذا الرجل من أهلها وهو رجل منصف قال ننظر للقدّ , فلما نظروا للقدّ وجدوا أنه في خلف قميصه , فكيف يكون مهاجم مقدم عليها و ثوبه منزوع من الخلف ؟
إذا هذا دليل قويّ تطابق مع دعوى يوسف بأنه لم يقم بذالك , فارتفعت دعوى يوسف إلى الحقيقة
لكن عزيز مصر هذا الزوج الضعيف المتردد لم يجد سبيل لمواجهة زوجته وإنما قال لها : {يوسف أعرض عن هذا} يعني كما يقولون طنش وانس الموضوع , ولكي يبقى الموضوع مستوراً , نكاية في موقف يوسف الذي كسر كبرياء وغرور هذه المرأة وقاوم أنوثتها , وليكون سجنه سبب لعدم نشر هذا الأمر آثروا ظلماً أن يسجنوه وهو المعتدى عليه .
هذه شواهد تبين هذه المسألة و القصد من عرض هذه الشواهد أن نتمثلها ونحن نسوق المضامين للناس , بحيث أن المضمون قويّ , المضمون ثابت , فلا تكن أيها الداعية أو أنت أيتها الداعية سبب في إضعاف قوة المضمون لأنك لم توفق إلى الدليل الصحيح المنسجم مع هذه الدعوى , الحمد لله الأدلة وافرة والشواهد قوية , فلك فقط أن تتأنى وأن تتثبت وتفقه النص فستظفر بإذن الله بالدليل القوي الذي ينسجم مع تلك الدعوى ويقنع المخاطب بها .
سنتكلم الآن عن طرائق تحقيق النص أو الدليل المنسجم مع الدعوى :
كيف السبيل لتحقيقه ؟ ..
ما هي الآليات ؟ ..
سيتم ذالك من خلال بيان أنواع الدعوى وكيفية تحقيق الأدلة المنسجمة معها ! ..
لاحظوا معي أن الدعاوي التي نـُلقيها على الناس مضامينها ليست واحدة , مضامينها مختلفة , شيء من مضامينها يتعلق بالحس , بالإدراك , بالشيء المشاهد المنظور الملموس , و شيء من مضامينها يتعلق بالقضايا العقلية الفكرية المنطقية , و مضامين أُخرى تتعلق بقضايا غيبة لا تدرك ترتبط بالإيمان , وقضايا أخرى ترتبط بطبيعة سلوكيات الإنسان الذي يجد نفسه عاجزة أو متكاسلة عن الأخذ بمضمون الإسلام مع أنه يؤمن به ويدين له , هذه تقريباً أربعة أقسام تكاد كل المضامين لا تخرج عنها ولكل قسم من هذه الأقسام آلية في التدليل من خلالها نستطيع أن نتوصل إلى الدليل الذي ينسجم معها ويتطابق مع كل أجزائها فيثبت في ذهن المخاطب ويتعامل معه على أنه حقيقة فيقتنع به ,
النوع الأول من الدعاوى : هي تلك الدعاوى المتضمنة لأمور حسية :
الأمور الحسية : هي تلك الأمور التي تقع تحت طائلة حواس الإنسان , ويمكن له إدراكها بتلك الحواس , يستطيع أن يتعامل معها بشكل مباشر , وطريقة إثباتها ترتكز على المشاهدات والتجارب , يعني مثلاً قلت لكم : إن في جيبي بطاقة الهوية الخاصة بي (هي أمر حسي) , والدليل ها هي أخرجها لكم(مشاهدة وتجربة) , ليس من المعقول وليس من السائغ وليس من المنطقي أني أثبت أمر حسي بدليل عقلي فأقول : إن في جيبي بطاقة والدليل ما يلي : .... و أبدأ أورد لكم دليل عقلي كأن تقول مثلاً : أنا فلان من البلد الفلاني وأقيم الآن في البلد لستُ خارجه , وهذا يقتضي منطق ونظام أن الهوية لابد أن تكون في جيبي , هذا دليل عقلي لكن هل هو سائغ في تلك الحالة أو مع هذا المضمون ؟ لا غير سائغ .
الإسلام بسيط سهل لا يقوم على التعقيد والفلسفة و السفصطة
- في جيبي بطاقة شيء محسوس وهاهي البطاقة , انتهى التدليل , وسقنا دليل ينسجم معها فرفعناه إلى رتبة الحقيقة .
المهم أن الطريق إثبات الدعوى المتضمنة إلى أمور حسية يقوم أو يرتكز على المشاهدة والتجارب بإيراد دليل ملموس مشاهد يناسبها , فيه مسايرة لمنطق المدعو الذي يزيد في إقناعه وضع يده على دليل من هذا النوع , يعبر عن ذالك في مناهج الدعوى بالمنهج الحسي في الاستدلال والإثبات , وكما قلت إن من التكلف أن نعمد إلى دليل عقلي لنثبت به أمراً حسياً يستطيع الداعية أن يتعامل معه بصورة مباشرة ودعونا نودر شواهد على ذالك :
قال الله سبحانه وتعالى : { وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل } سورة الرعد , هذه الآية ساقت خبر أولئك القوم حين جعلوا لله سبحانه وتعالى شريك في عبادته , ثم أقاموا ذالك على دعوى (لاحظ دعوى بالألف المقصورة ) يعني لم تثبت , وهو استحقاق هذا الشريك للعبادة في الأرض , يعني هم يقولون نحن نعبد هذا الصنم أو هذا الوثن لأنه يستحق العبادة بما يملكه من مزايا وقدرات و خصائص , الآن نطلب منهم الدليل ؟ , ولذالك جاء الدليل موجه لمحمد صلى الله عليه وسلم حين قال : سموهم , سموا هذه الآلهة .. (لاحظوا معاي) .. حددوهم لنا يعني قولوا لنا إن إلهنا هذا الصنم أو هذا القبر أو هذا الضريح أو هذه الشجرة , وحينئذ هم أمام واحد من خيارين لا مناص لهم منهما :
الأمر الأول : لاحظ نحن الآن في دليل حسي : أن يسموا لنا هذا الإله فيقولوا لنا هذا الصنم أو هذا الضريح الذي فيه الولي فلان .
نقول الآن : أرنا قدرة هذا الإله المدعى ؟ . , نريد دليل حسي .. أنا أريتك قدرة الله سبحانه وتعالى في الخلق والإحياء والإماتة والمطر والإنبات وما إلى ذالك , أنت ارني قدرة إلهك .. وحينئذ سيجد نفسه قد ارتبك وتلعثم ولا يستطيع أن يتماشى مع هذه المسألة .
الأمر الثاني : أن لا يسمي الإله , أن لا يحدده مخافة من هذا الموقف الذي ذكرناه , وحينئذ نقول ما هو الإله الذي ليس له اسم ؟
ما هو الإله الذي لا يمكن أن تحدده وتعين لنا موقعه وطبيعته وجته , فتسقط الدعوى وسبب سقوط الدعوى أنه لم يوفقوا ولن يوفقوا إلى إيراد دليل ينسجم معها .
طبعاً لاحظ معي ونختم بهذه الكلام : أنت إذا أردت دليل ينسجم مع الدعوى بالطريقة الصحيحة يقيناً سيتحقق هدف مناهج الدعوى وهو إقناع المدعو لكن هل يسلم أو لا يسلم هذي مسألة أخرى كما قلنا , المهم أن الدليل إذا جاء بصورة صحيحة وانسجم وتطابق مع الدعوى يقيناً سيقتنع المدعو بصحة كلامك لكن ربما العناد والكبر يصرفه عن التسليم بها والأخذ بما فيها {وجحدوا بها واستيقنتهم أنفسهم ظلماً وعلوا}
جاء الحديث أكثر تفصيلاً حول الفئة المعاندة على الرغم أننا أثبتنا لها الدعوى بدليل حسي جاء ذالك بقول الله سبحانه وتعالى { ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس } لاحظ أن الآيه فيها محسوس أحضرنا (قراطيس ) ونزلناها عليك -تلمس -تشاهد -ترى – تحمل – تقرأ , أشياء محسوسة وكأن هذا القرطاس يتهاوى وينزل من السماء فيه آيات القرآن الكريم , آيات الكتاب وهم يرونها ثم يتلقونها ويلمسونها فهو دليل قوي واضح دليل حسي على مسألة حسية{ فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين }سورة الأنعام وهذا هو حال المعاندين الذين اقتنعوا بعقولهم لكن خالفوا بجوارحهم وبألسنتهم كبرا وغرورا أو خوفاً على المصلحة وما إلى ذالك, فإنكارهم إنكارا ليس غير مقتنع ولكنه إنكار المعاند المغرور المعتد بموقفه
هذا حديثنا حول هذه المسألة وقد انتهى عند هذه النقطة , حيث تكلمنا في هذا اللقاء معكم أيها الأكارم حول الأساس الثالث من أسس بناء مناهج الدعوى وهو الدليل المنسجم مع الدعوى تحدثنا فيه عن المراد به مع إيراد شاهد أو مثال عليه .
ثم بدأنا في الحديث عن طرائق تحقيقه من خلال بيان أنواع الدعاوى وكيفية تحقيق الأدلة المنسجمة معها
وتكلمنا عن النوع الأول وهو الدعاوى المتضمنة لأمور حسية ولا زال الحديث مستمر حول المنهج الحسي في الاستدلال وسيكون حديثنا إن شاء الله في اللقاء القادم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..